
بقلم احمد الملا
الإخبارية اتجاه مدرسي ظهر في أوائل القرن الحادي عشر الهجري, وقد كان ظهوره على يد الميرزا محمد أمين الاستربادي المتوفى سنة 1036هـ وكانت كربلاء مركزا لهذا الاتجاه وقاعدة لحركته وانتشاره, وقد برز هذا الاتجاه كرد فعل على استحكام علم أصول الفقه واتخاذه منهجاً في استنباط الأحكام الشرعية واعتماد عملية الاستنباط على القواعد المقررة في علم أصول الفقه.
وقد ترشحت عن المدرسة الإخبارية أفكار يمكن اعتبارها نقاط الخلاف الجوهري بين المدارس الإخبارية والمدارس الأصولية بصورة عامة, منها, دعوى صحة كل ما هو الموجود في الكتب الحديث المعتبرة للشيعة الإمامية,رفض علم الدراية وعلم الرجال حيث يُرفض اتخاذ منهج تحقيق الأسانيد كأساس في التعامل مع الروايات في المدرسة الإخبارية,البناء على أصالة الاحتياط دون أصل البراءة في الشبهات التحريمية,وأخيرا الاعتماد في أخذ الفتوى على من يسمونهم بالفقهاء الإخباريين وتجويز تقليد الميت ابتداءً.
ومن هذا الخلاف الجوهري في المدرستين أصبح الفرق واضحا بين علماء المدارس الأصولية وعلماء المدارس الإخبارية, فالأصوليين هم الفريق الذي يعتمد علم أصول الفقه كمنهج في استنباط الأحكام الشرعية، وأطلق عليه اصطلاح الأصولي أو الأصوليين, وهو الفريق الأكثر عمقاً وشهرة واتساعاً ودقة في استنباط الحكم الشرعي.
أما الإخباريين هم الفريق الذي تبنى المدرسة الإخبارية، وأطلق عليه اصطلاح الإخباري أو الإخباريين, وهم كما أوردنا سالفا يعتمدون على استنباط الحكم الشرعي من أي رواية تواجههم في كتب الحديث دون الأخذ بنظر الاعتبار مسائل التعارض في الروايات أو الدس والتحريف, فكل ما موجود في تلك الكتب صالح للأخذ به والاعتماد عليه عند علماء هذه المدارس .
وقد واجهت المدرسة الأصولية التحدي الفكري الذي جابهتها به المدرسة الإخبارية وردّت على نقودها ردوداً علمية عميقة حتى استطاعت أن تجعل المدرسة الإخبارية مهمشة تهميشاً أدى إلى تراجعها وانحسارها على المستوى العلمي وعلى مستوى جماهيرها في داخل المدرسة الإمامية.
لكن بعد هذا التراجع والانحسار أخذت المدارس الإخبارية بالنشاط بشكل جديد وبقوة خصوصا في دولة السودان العربية, حتى أخذت رواجا كبيرا يرافقه انحسار للمدرسة الأصولية ورموزها هناك, الأمر الذي دفع بعض المؤمنين من بلد السودان الشقيق أن يرفعوا استفتاءا لسماحة السيد الصرخي الحسني " دام ظله " يطلبون فيه الرد على المدرسة الإخبارية وكذلك إعطاء الدرس الأصولي لكي يتمكنوا بواسطته من الرد على المدرسة الإخبارية والنقض عليها بواسطة ما يطرحه سماحة السيد الصرخي الحسني " دام ظله " من أراء ونقاشات ودروس أصولية.
فانبرى سماحته " دام ظله " لتلبية الطلب وشرع في إعطاء الدرس الأصولي وكانت مقدمة الدرس هو طرح نقض على المدرسة الإخبارية, وذلك خلال المحاضرة العقائدية التاريخية السادسة التي تتناول شخصية المختار الثقفي, وسجل سماحته " دام ظله " نقضا تاما على المدرسة الإخبارية, وكشف مدى ركاكة وضعف هذه المدرسة ومن يتبناها.
وبهذا يكون سماحة السيد الصرخي الحسني "دام ظله" قد أبطل المدرسة الإخبارية وأثبت أرجحية وتميز المدرسة الأصولية وبمورد واحد من موارد التعارض بين الأدلة في الروايات التي يواجهها أي فقيه وهذا يؤكد سعة وقدرة وتمامية العقلية الأصولية وأرجحتها على غيرها من المدارس وخصوصا الإخبارية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق